Follow Us On

الاعتبارات البيئيّة
في الحدائق البهائيّة

منذ البداية تمّت إدارة الحدائق البهائيّة في حيفا وعكّا بأسلوب يتّسم بالوعي البيئيّ، مع التّركيز بشكلٍ خاصّ على الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها. فعلى سبيل المثال، يرجع تاريخ إعادة تدوير المخلّفات الخضراء إلى النّشارة والسّماد إلى الخمسينيّات، شأنها في ذلك شأن ممارسة ترك مساحات كبيرة من العشب في أوائل الصّيف بورًا دون سقاية لحين هطول الأمطار الشّتويّة لتنبت من جديد.

أثناء التّخطيط لتشييد الحدائق المدرّجة على جبل الكرمل في الثّمانينيّات، أجريت أبحاث مكثّفة، كما جرت مناقشات مع لجنة المياه”مكوروت” وبعض أفضل الاستشاريّين والأكاديميّين الإسرائيليّين في مجالات البستنة والرّي وإدارة الموارد المائيّة. تمّ تنفيذ جميع الاستنتاجات بالكامل لدى إجراء التّخطيط التّفصيليّ لزراعة الحدائق ولأنظمة البنيّة التّحتيّة بحيث يقوم المشروع على أساس مبادئ بيئيّة سليمة ويستخدم أحدث التّقنيات. منذ الانتهاء من هذا المشروع قمنا بتحديث ممارساتنا وتوسيع نطاق استخدام التّكنولوجيا المتقدّمة إلى أجزاء أخرى من الحدائق.

صمّمت الحدائق البهائيّة في كلّ من حيفا وعكّا وفقًا لمبدأ هرمي يقوم على معالجة مكثّفة لمناطق صغيرة نسبيًّا في قلب الموقع، حيث يتحقّق أثر الألوان من خلال زراعة أزهار موسميّة في أحواض صغيرة لكنّها في مواقع استراتيجيّة، مكمّلة بحدائق الصّبّار الملفتة للأنظار. وتحيط بالمناطق المعالجة بشكل مكثّف مزروعات طبيعيّة تتحمّل الجفاف، مثل: زهرة الأفعى وإكليل الجبل والدّفلى، وكذلك أشجار اليوكا واللّوز والزّيتون والسّرو والصّنوبر. بمجرد زراعتها، تتطلّب هذه المزروعات الحدّ الأدنى من الرّعاية والقليل من المياه. وهي بدورها تندمج في المحيط لتبقى هذه المناطق في حالتها الطّبيعيّة لاستقبال أعداد كبيرة من الطّيور والحشرات والحيوانات ممّا يساعد على الحفاظ على التّوازن البيئيّ للموقع.

في كلّ عامٍ يتمّ تجفيف أكثر من 75٪ من العشب في حدائق عكّا في أشهر الصّيف. في سنوات النّقص الشّديد في المياه، ومن أجل توفير إضافيّ لها، يتمّ فرش بعض هذه المناطق بغطاء واقٍ من النّشارة وتترك دون زراعة طوال العام. وبالمثل يتمّ تغطية مساحاتٍ كبيرة من حدائق حيفا بعشب الجاودار في الشّتاء وتجفيفها خلال فصل الصّيف. وحيث ينبغي زراعة الأسطح المنحدرة للحدائق في حيفا على مدار السّنة لمنع انجراف التّربة، يتمّ استخدام اللّبلاب المتسلّق وأنواع أخرى من النّباتات الّتي تعمل كأغطية للتّربة وتتطلّب كميّة مياه أقل من العشب.

تعتبر أنظمة الرّيّ المستخدمة في الحدائق البهائيّة من بين أكثر الأنظمة تطوّرًا في العالم. في مركز المنظومة هناك كمبيوتر يتحكّم بمئات الصّمامات لتوجيه المياه عبر شبكة معقّدة من أنابيب البولي-إيثيلين بحيث يتلقّى كلّ نوع من أنواع النّباتات الكميّة الّتي يحتاجها في الوقت المناسب وفقًا للظّروف الجويّة. ولتحقيق ذلك يستخدم مبرمج جدولة الرّي بيانات الأرصاد الجوية من توقعات الطّقس الخاصّة الصّادرة عن معهد التّخنيون للتّنبّؤ بمعدّل التّبخّر والنّتح، وهو مؤشّر رئيسيّ لكمّية المياه الّتي ستحتاجها النّباتات.

يتمّ إيصال معظم المياه مباشرة إلى جذور النّباتات ليلًا باستخدام أسلوب الرّي بالتّنقيط والرّشاشات، والرّي من الأعلى أحيانًا والّذي يجب القيام به أثناء النّهار لضمان امتصاص الأسمدة والكيماويّات الزّراعيّة الأخرى وتتمّ جدولته في الصّباح الباكر عندما يكون التّبخّر أقلّ ما يمكن. يكشف الكمبيوتر على الفور أيّ تسريب أو خلل آخر، ويقوم فريق الرّيّ بإجراء فحوصات دوريّة على المعدّات للتّأكّد من تحديد أيّة مشاكل، وحلّها دون تأخير. بالإضافة إلى ذلك، هناك عمليّة مراجعة مستمرّة لبرامج الرّيّ وأنظمة توصيل المياه بما في ذلك فحص واختبار التّقنيّات الجديدة، وأنواع جديدة من المعدّات والأساليب الحديثة الّتي تهدف إلى تحسين كفاءة النّظام. ولتخفيف الضّغط على المياه الصّالحة للشّرب، تستخدم الحدائق البهائيّة على نطاقٍ واسعٍ المياه المالحة أو غير الصّالحة للشّرب الّتي تضخّ من الآبار المرخّصة في الأراضي، والّتي تتمّ معالجتها بعد ذلك لتلبية احتياجات الحدائق.

أحد سمات التّصميم المحوريّة للحدائق المدرّجة على جبل الكرمل تكمن في المياه المتدفّقة الّتي يبدو أنّها ترافق الزّائر في جميع الأوقات ممّا يسرّ العين ويطرب الأذن. يتمّ توفير هذه التّأثيرات دون هدر، لأنّ النّوافير والجداول الّتي تجري بجانب السّلالم تتغذّى من نظامٍ مغلق واحد يدور داخل كلّ مصطبة. إنّ كمّيّة المياه المضافة إلى النّظام يوميًّا هي لتعويض التّبخّر الحاصل في الموقع بكامله وهي أقلّ من الاستهلاك اليوميّ للفرد العاديّ.

Skip to content